ركَّب الله في الإنسان العديد من الغرائز
والأحاسيس، فهو يتأثر بما يجري حوله، ويتفاعل بما يشاهد ويسمع من الآخرين،
فيضحك ويبكي، ويفرح ويحزن، ويرضى ويغضب، إلى آخر تلك الانفعالات النفسية.
ومن الأمور التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاسترسال فيها:
الغضب، فقد يخرج الإنسان بسببه عن طوره ، وربما جرَّه إلى أمور لا تحمد
عقباها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه
وسلم: أوصني ، فقال له عليه الصلاة والسلام مراراً: "لا تغضب" رواه
البخاري.
ولم يكتف صلى الله عليه وسلم بالنهي عن هذه الآفة ، وبيان آثارها ، بل بيّن
الوسائل والعلاجات التي يستعين بها الإنسان على التخفيف من حدة الغضب ،
وتجنب غوائله ، ومن هذه الوسائل: السكوت والتوقف عن الكلام، فعن ابن عباس
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علِّموا ويسروا ولا
تعسروا، وإذا غضبت فاسكت، وإذا غضبتَ فاسْكُت، وإذا غضبت فاسكت" رواه
الإمام أحمد.
ومن الأدوية الهامة التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم لعلاج الغضب،
والتخفيف من حدته، وجاء الطب الحديث بتصديقها، أن يُغيَّر الإنسانُ الوضعَ
الذي كان عليه حال الغضب، من القيام إلى القعود، أو الاضطجاع، فعن أبي ذر
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا غضب أحدكم وهو
قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلاّ فليضطجع" رواه أبو داود.
فما هي الغدة التي تنفعل عند الغيظ والغضب والخوف ...؟؟؟
الغدة النخامية هي معجزة من معجزات الخالق (سبحانه وتعالى)، وتلك الغدة
التي تزن حوالي نصف جرام (حجم الحمصة الصغيرة) تفرز العديد من هرمونات
رئيسية في الدم تحمل الأوامر المباشرة إلى كل الغدد الهرمونية الموجودة في
الجسم، وبذلك تُجري تبنيها لتلك الغدد الأخرى؛ لتفرز هرموناتها فورًا في
الدم.
والغدة الرئيسية التي تنفعل عند الغيظ والغضب والحقد والخوف هي غدة
الأدرينال (فوق الكلية):
وتفرز العديد من الهرمونات التي تؤثر في عمليات التمثيل في الجسم . ومن ضمن
هذه الهرمونات :
الأدرينالين Adrenaline
والنورادينالين Noraderanaline
فهرمون الأدرينالين يكون إفرازه استجابة لأي نوع من أنواع الانفعال أو
الضغط النفسي، كالخوف أو الغضب، وقد يفرز أيضاً لنقص السكر، وعادة ما
يُفْرَز الهرمونان معاً.
إكتشــــــــــــافه ...
يعود الفضل في إكتشاف الأدرينالين إلى الكيميائي الياباني " Jokichi
Takamine " ..
فلقد تم استخلاص L – adrenaline من لب الكظر " adrenal meddula " من خلال
مجموعتين مستقلة وهما " Takamine وَ Aldrich and von Furth "في عامي 1900 و
1901 م . وكان أول هرمون يتم استخلاصه بشكل متبلور .. وتم تعيين وتحديد
التركيب الكيميائي له من خلال Jowett ومن ثم قام العالم Stolz بتحديد الشكل
والتركيب الكيميائي له في عام 1904 م .
و لقد وظفّ الكيميائي " تاكامين " رفيقه الياباني " Keizo Uenaka " معه في
المعمل و الذي يعتبر بحق هو أول من استخلص الأدرينالين ..
ففي احدى الليالي كان " Keizo Uenaka " بمفرده في المعمل ، و اكتشف "
Uenaka " الشكل البلوري للأدرينالين ..
وسبب أن " تاكامين " يعود له الفضل في هذا الإكتشاف ذلك لأنه في الخامس من
نوفمبر عام 1900 م عمل على براءة اختراع باسم " Gandular Extractive
Product " .. وبعدها بعدة شهور قدم تاكامين الوثيقة الأولى إلى الجمعية
الطبية في نيوريورك ووثيقة أخرى إلى الجمعية الكيميائية الصناعية في عام
1901م ...
وفي هذه الأوراق كتب تاكامين عن إكتشافاته العلمية التي كان يعمل عليها في
المعمل ..
ونتيجة لذلك أصبح لـ " تاكمين " الأحقية في استخدام الأدرينالين كماركة
تجارية ..
ويُعرف أيضاً بــ :-
Epinephrin , Vasotonim , Epitrate , Exadrin , Glucosan , Glycirenan ,
Hemisine , Hypernephrin , Biorenine , Bosmin , Brevirenin , Bronkaid
mist .
الصيغة الكيميائية : C9H13NO3
الوزن الجزيئي : 21،183 جم / مول
درجة الإنصهار : 211-215 س .
الذائبية في الماء : 0،01 جم / 100 مل عند 18 س .
حرارة التكوين : - 17،439 كيلوجول / مول .
الإستقطاب الجزيئي : 18،676 .
المظهر : أبيض ، على هيئة بودرة بيضاء و يتحول بالتدريج إلى اللون البني
عندما يتعرض إلى الضوء أو الهواء .
الفاعلية : حساس جداً جداً للضوء والهواء ..
أنواع الروابط الموجودة في المركب : روابط تساهمية .
التركيب بالوزن :
كربون = 59 % .
هيدروجين = 15،7 %
النيتروجين = 65،7 %
الأكسجين = 20، 26 %
وينتمي هرمون الأدرينالين إلى عائلة الكاتيكول أمين " catecholamine " ..
غدة الأدرينال :-
غدة الأدرينال (فوق الكلية)، يبلغ طولها بوصتان، وعرضها بوصة، ووزنها أوقية
تقريبًا، وتتكون من قسمين:
القشرة واللب (مثل قشرة البندق ولُبها)، وكل قسم يفرز الهرمونات الخاصة به،
وتفرز القشرة العديد من الهرمونات التي تؤثر في عمليات التمثيل في الجسم.
كذلك يفرز لب الأدرينال هرمونين: الأدرينالين Adrenalin والنورادينالين
Noraderanalin.
وإفراز هذا الهرمون يؤثر على ضربات القلب، فتضطرب، وتتسارع، وتتقلص معه
عضلة القلب، ويزداد استهلاكها للأوكسجين، والغضب والانفعال يؤدي إلى رفع
مستوى هذين الهرمونين في الدم، وبالتالي زيادة ضربات القلب، وقد يؤدي إلى
ارتفاع ضغط الدم.
ولذلك ينصح الأطباء مرضاهم المصابين بارتفاع ضغط الدم أو ضيق الشرايين، أن
يتجنبوا الانفعالات والغضب، وأن يبتعدوا عن مسبباته ، وكذلك مرضى السكر،
لأن الأدرينالين يزيد من سكر الدم.
تصنيــع الأدرينـــــالين :
يتم اصطناع الأدرينالين في الخلايا أليفة الكروم في لب الكظر ، والتي سميت
هكذا لأنها تحوي الحبيبات التي بتعرضها لثنائي كرومات البوتاسيوم ـ تنشر
اللون البني المحمر ، وتوجد تجمعات أيضاً لهذه الخلايا أيضاً في القلب ،
الكبد والكلية ..
فيتم تتصنيعه في عدة خطوات وهي :-
يتكوّن في البداية 3,4-dihydroxy-chloroacetophenone من خلال تفاعل
pyrochatechol مع chloro- acetylchloride في وجود phosphorchloridoxide .
ومن ثم يتحول إلى أدرينالون adrenalone بواسطة الميثيل أمين methylamine
ويُختزل إلى الأدرينالين adrenaline .
التصنيع الحيوي للأدرينالين :
ويتم ذلك في عدة خطوات و يدخل في تصنيعه خمس إنزيمات وهي :-
1- phynylalanine-hydroxylase.
2-Tyrosine-hydroxylase.
3- Aromatic amino-acid decarboxylase.
4- dopamine-hydroxylase.
5- phenylethanolamine-N-methyl-transferase.
التمثيل والأيض :-
يعتبر الأدرينالين هرمون وكذلك يعتبر أيضاً ناقل عصبي .. وكأي مادة تقوم
بنقل النبضات في أوقات قصيرة جداً ، لابد أن يكون هناك من ينشطها أو يبطل
مفعولها بسرعة وبفعالية ..
والإنزيمات المسؤولة عن التحلل السريع والفعال للأدرينالين هي :-
Catecholamine-O-methyltransferase (COMT)
Monoaminoxidase (MAO)
الأدرينالين كهرمون :-
للأدرينالين تأثير معاكس للإنسولين .. ويُطلق عندما ينخفض مستوى السكر في
الدم ... وذلك بسبب ارتباطه بالمستقبلات الفعل الادرينالي " adrenergic
receptors " فينبّه إنزيم
" adenylatcyclase cascade ( cAMP cascade ) " . وتؤثر هذه السلسلة النشطة
في تحريك ونقل الجلايكوجين والأنسجة الدهنية ..وبشكل عام تزيد من عملية
الأيض ...و الارتفاع الناتج في سكر الدم يمكنه من اختمار الجلوكوز في
العضلات ... والأدرينالين يقوي هذه التأثيرات ، وذلك لأنه يزيد من إفراز
الجلوكاجون " هرمون له نفس تأثير الأدرينالين " ويقلل من اطلاق الإنسولين
...
الأدرينالين كناقل عصبي
يعمل الأدرينالين كناقل عصبي ويؤثر في الجهاز العصبي السمبثاوي " القلب ،
الرئتين ، الأوعية الدموية ، المثانة " . وهذا الناقل العصبي يُطلق استجابة
إلى أي ضغوط وترتبط بمجموعة خاصة من البروتينات تُسمى مستقبلات الفعل
الأدرينالي " adrenergic receptors " ..
ويوجد نوعان من هذه المستقبلات وتأثيرها هو : زيادة في قوة نبضات القلب ،
اتساع الشعب الهوائية والحدقة ، قابض للأوعية ، يقلل من زمن تجلط الدم ...
الاستخدامات الطبية للأدرينالين :-
من فوائد الأدرينالين هو مساعدتنا في مواجهة المواقف الصعبة و الخطرة والتي
تتطلب منا ردة فعل سريعة .. مثل الهروب من حيوان مفترس ...
وكذلك يستخدم الأدرينالين في الطب مثل :
المساعدة في الجراحة وذلك للتحكم في النزف ، منبّه للقلب ، مضاد للتشنج في
المصابين بالربو ، وفي طب التوليد ، ويستخدم في المساعدة اغماءات مرض نقس
السكر في الدم ، وكترياق في تفاعلات الحساسية ، وبعض الحمى " مثل حمى الكلا
"
ماذا يحدث للأدرينالين إذا تعرض الإنسان للإنفعالات والضغوط الشديدة :-
إن الانفعالات الشديدة والضغوط التي يتعرض لها الإنسان كالخوف والغضب يحرض
الغدة النخامية على إفراز هرمونها المحرض لإفراز كل من الأدرينالين والنور
أدرينالين من قبل الغدة الكظرية، الذي يؤدي إفرازه في الدم إلى تغيرات
فسيولوجية وكيميائية حيوية مذهلة، إنه يهيئ الجسم لقوى شيطانية رهيبة؛ وذلك
استجابة لإشارة التهديد الصادرة من الغضب والغيظ والحقد، وتقوم أيضا غدة
"الأدرينال" بإفراز هرمونات القشرة مثل هرمون "الكورتيزون"؛ لإعداد الجسم
بيولوجيا للدفاع عن الإرهاق النفسي بأشكاله المختلفة.كما تقوم الأعصاب
الودية على إفراز النور أدرينالين.
إن ارتفاع هرمون النور أدرينالين في الدم يؤدي إلى تسارع دقات القلب، وهذا
ما يشعر به الإنسان حين الانفعال، والذي يجهد القلب وينذر باختلاطات سيئة.
فهو يعمل على رفع الضغط الدموي بتقبيضه للشرايين والأوردة الصغيرة، كما أن
الارتفاع المفاجئ للضغط قد يسبب لصاحبه نزفاً دماغياً صاعقاً يؤدي إلى
إصابة الغضبان بالفالج، وقد يصاب بالجلطة القلبية أو الموت المفاجئ، وقد
يؤثر على أوعية العين الدموية فيسبب له العمى المفاجئ. وكلنا يسمع بتلك
الحوادث المؤلمة التي تنتج عن لحظات غضب.
هذا وإن ارتفاع النور أدرينالين في الدم يحرر الجليكوجين من مخازنه في
الكبد ويطلق سكر العنب مما يرفع السكر الدموي، إذ من المعلوم أن معظم حوادث
الداء السكري تبدأ بعد انفعال شديد لحزن أو غضب.
أما ارتفاع الأدرينالين فيزيد من عمليات الإستقلاب الأساسي ويعمل على صرف
كثير من الطاقة المدخرة مما يؤدي إلى شعور المنفعل أو الغَضِبْ بارتفاع
حرارته وسخونة جلده . كما ترتفع شحوم الدم مما يؤهب لحدوث التصلب الشرياني
ومن ثم إلى حدوث الجلطة القلبية أو الدماغية، كما يؤدي زيادة هذا الهرمون
إلى تثبيط حركة الأمعاء ومن ثم إلى حدوث الإمساك الشديد. وهذا هو سبب إصابة
ذوي المزاج العصبي بالإمساك المزمن.
ويزداد أثناء ثورات الغضب إفراز الكورتيزول من قشر الكظر مما يؤدي إلى
زيادة الدهون في الدم على حساب البروتين، ويحل الكورتيزول النسيج اللمفاوي
مؤدياً إلى نقص المناعة وإمكانية حدوث التهابات جرثومية متعددة، وهذا ما
يعلل ظهور التهاب اللوزات الحاد عقب الانفعال الشديد، كما يزيد الكورتيزول
من حموضة المعدة وكمية الببسين فيها مما يهيء للإصابة بقرحة المعدة أو حدوث
هجمة حادة عند المصابين بها بعد حدوث غضب عارم.
وقد أثبتت البحوث الطبية الحديثة وجود علاقة وثيقة بين الانفعالات النفسية
ومنها الغضب وبين الإصابة بالسرطان. وتمكن العلم أن يبين مدى خطورة
الإصابات السرطانية على إنسان القرن العشرين، قرن القلق النفسي، وأكدت
الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من انفعالات نفسية مريرة بصورة مستمرة
يموتون بالسرطان باحتمال نسبي أكبر. فالانفعالات النفسية تولد اضطراباً
هرمونياً خطيراً في الغدد الصماء يؤدي إلى تأرجح في التوازن الهرموني بصورة
دائمة، هذا التأرجح يساعد على ظهور البؤرة السرطانية في أحد أجهزة البدن.
ويرى بعضهم أن التأثيرات التي تحصل في البدن نتيجة الغضب الشديد والذي يسبب
فيضاً هرمونياً تؤدي إلى ما يشبه التماس الكهربائي داخل المنزل بسبب
اضطراب الدارة الكهربائية، وما ينتج عن ذلك من تعطل في كافة أجزاء الدارة
الكهربائية.
كيف يكون تأثير الغضب على الصائم ....؟؟؟
إذا اعترى الصائم غضب وانفعال وتوتُّر ازداد إفراز الأدرينالين في دمه
زيادة كبيرة، وقد يصل إلى 20 أو 30 ضعفًا من معدله العادي أثناء الغضب
الشديد أو العراك، فإن حدث هذا في أول الصوم أثناء فترة الهضم والامتصاص
اضطرب هضم الغذاء وامتصاصه زيادة على الاضطراب العام في جميع أجهزة الجسم؛
ذلك لأن الأدرينالين يعمل على ارتخاء العضلات الملساء في الجهاز الهضمي،
ويقلل من تقلص المرارة، ويعمل على تضييق الأوعية الدموية الطرفية، وتوسيع
الأوعية التاجية، كما يرفع الضغط الدموي الشرياني، ويزيد كمية الدم الواردة
إلى القلب وعدد دقاته.
وإن حدث الغضب والشجار في منتصف النهار أو آخره أثناء فترة ما بعد الامتصاص
تحلل ما تبقَّى من مخزون الجليكوين في الكبد، وتحلل بروتين الجسم إلى
أحماض أمينية، وتأكسد المزيد من الأحماض الدهنية، كل ذلك يرفع مستوى
الجلوكوز في الدم، فيحترق ليمد الجسم بالطاقة اللازمة في الشجار والعراك،
وبهذا تستهلك الطاقة بغير ترشيد، كما أن بعض الجلوكوز قد يفقد من البول إن
زاد عن المعدل الطبيعي، وبالتالي يفقد الجسم كمية من الطاقة الحيوية الهامة
في غير فائدة تعود عليه، ويضطر إلى استهلاك الطاقة من الأحماض الدهنية
التي يؤكسد المزيد منها، وقد تؤدي إلى تولد الأجسام الكيتونية الضارة في
الدم.
كما أن الازدياد الشديد للأدرينالين في الدم يعمل على خروج كميات كبيرة من
الماء من الجسم، بواسطة الإدرار البولي (Diuresis) كما يرتفع معدل
الاستقلال الأساسي (Bassal ****blic) عند الغضب والتوتر؛ نتيجة لارتفاع
الأدرينالين والشد العضلي.
وارتفاع الأدرينالين قد يؤدي لنوبات قلبية، أو موت الفجاءة عند بعض الأشخاص
المهيئين لذلك، نتيجة لارتفاع ضغط الدم، وارتفاع حاجة عضلة القلب
للأكسجين، من جراء ازدياد سرعته، وقد يتسبب الغضب أيضًا في النوبات
الدماغية لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين.
كما أن ارتفاع الأدرينالين نتيجة للضغط النفسي في حالات الغضب والتوتر يزيد
في تكون الكوليسترول من الدهني البروتيني منخفض الكثافة، والذي قد يزداد
أثناء الصيام، وثبتت علاقته بمرض تصلب الشرايين.
لهذا ، ولغيره مما عُرف، ومما لم يُعرَف بعد وصى النبي -صلى الله عليه
وسلم- الصائم بالسكينة، وعدم الصخب، والانفعال، أو الدخول في عراك مع
الآخرين.
وحينما يتعرض الإنسان إلى تلك الانفعالات السابق ذكرها لفترات مستمرة تزيد
إفرازات تلك الهرمونات التي تؤدي إلى تغيير مدمر لكيميائية الجسم: هدم في
أنسجة الجسم، إفراز الجلوكوز في البول.. وعلى المدى الطويل قد يحدث مرض
"السكر"، ويسير الجسم بخطى وئيدة إلى زيادة نسبة "الكولسترول" في الدم؛ وهو
ما قد يؤدي إلى حدوث الذبحة الصدرية، وتصلب الشرايين، وأمراض أخرى مدمرة
لكيان الإنسان، هذا بجانب الأمراض النفسية العضوية.
وحصيلة كظم الغيظ والعفو عن الناس والخلاص من الحقد هو الطريق للخلاص من
قوى التدمير النفسي والعضوي، وهو الطريق المضيء نحو الاستقرار الوجداني
والأمن النفسي والسعادة الروحية.
وحينما أمرنا الحق (سبحانه وتعالى) بالصوم بمعناه الحقيقي، إنما أراد
بمشيئته تعالى أن يُسبغ علينا السعادة الروحية، والاسترخاء العقلي، والأمن
النفسي، والإصلاح لمادية الجسم؛ حيث تنبعث السكينة في قلوب المؤمنين،
ليزدادوا إيمانًا على إيمانهم.
وقد ثبت علمياً - كما جاء في كتاب هاريسون الطبي - أن كمية هرمون النور
أدرينالين في الدم تزداد بنسبة ضعفين إلى ثلاثة أضعاف عند الوقوف وقفة
هادئة لمدة خمس دقائق ، وأما الأدرينالين فإنه يرتفع ارتفاعاً بسيطاً
بالوقوف ، وأما الضغوط النفسية والانفعالات فهي التي تسبب زيادة مستوى
الأدرينالين في الدم بكميات كبيرة ، فإذا كان الوقوف وقفة هادئة ولمدة خمس
دقائق ، يضاعف كمية النور أدرينالين ، وإذا كان الغضب والانفعال يزيد مستوى
الأدرينالين في الدم بكميات كبيرة ، فكيف إذا اجتمع الاثنان معاً الغضب
والوقوف، ولذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الغضبان إن كان قائماً أن
يجلس، فإن لم يذهب عنه فيلضطجع .
فكان هذا السبق العلمي منه صلى الله عليه وسلم من أوجه الإعجاز التي لم
تظهر إلا في هذا العصر، وإلا فما الذي أدراه صلى الله عليه وسلم بأن هذه
الهرمونات تزداد بالوقوف، وتنخفض بالجلوس والاستلقاء، حتى يصف لنا هذا
العلاج النبوي؟.
قال تعالى: " والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون
" الشورى الآية 42.
وقال تعالى: " الذين ينفقون في السرّاء والضرّاء والكاظمين الغيظ والعافين
عن الناس والله يحب المحسنين " آل عمران
وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتمان الغضب فقد روى أبو هريرة
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس الشديد بالصرعة إنما
الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " رواه البخاري ومسلم.
ولا شك أن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم قد عرف بنور الوحي خطورة هذه
الانفعالات النفسية على مستقبل المجتمع الإنساني قبل أن يكتشف الطب آثارها،
ودعا أتباعه بحكمة إلى ضبط انفعالاتهم –قدر المستطاع– [لا تغضب] محاولاً
أن يأخذ بأيديهم إلى جادة الصواب –رحمة بهم– وحفاظاً على صحة أبدانهم من
المرض والتلف، لكنه –عليه الصلاة والسلام– كان يعلم في نفس الوقت طبيعة
النفس البشرية، ويعلم أن الإنسان لحظة غضبه قد لا يقوى على كتم غضبه، خاصة
إن كان يغضب لله أو لعرضه أو ماله، فإذا به يصف العلاج قبل أن يستفحل
الغضب، وقبل أن يقدم الغاضب على فعل لا تحمد عقباه .
=-=-=-=-=-=
[b][b]
ما هو الغضب
الغضب هو انفعال مثل الخوف والحزن والفرح والقلق ، وشعور
فطري طبيعي في الإنسان، وليس بطبيعته انفعالا سلبيا او ايجابيا، جيدا او
سيئا، بل ان طريقة التعاطي معه هي التي تحدد معالمه. والغضب انفعال مركب من
المشاعر والأفكار والسلوك لا ينشأ لوحده، وهو انفعال ثانوي تسبقه في
الظهور انفعالات مثل الخوف والحزن والإحباط ، ان اثارة هذه الإنفعالات هي
التي توقظ وتكوّن وتظهر الغضب وتتحكم بشدته ومدة ظهوره.
الغضب مثل
الإنفعالات الاخرى، هو طاقة ينتجها الجسم لابد من تصريفها كي يتوازن الجسم
ويرجع الى حالته الطبيعية، فمن هذا المنظور يجب تصريف الطاقة الزائدة
المتكونة وإلا ستؤدي الى اختلال بدني وعقلي.
ينشأ الغضب كرد فعل لتهديد
بدني اوتهديد يعيق تحقيق رغبات وتوقعات الشخص في امور الحياة جميعها، فهو
انفعال لايمكن تلافيه ولا ينبغي ابعاده. ان الفكرة السائدة ان الغضب هو رد
فعل غير ناضج وغير حضاري في مواجهة الإحباط والتهديد والعنف والفقدان هو
غير صحيح، وبل هو معطل لإدراك طبيعة الغضب واسلوب تصريفه بطريقة مناسبة
بناءة.
ان وظيفة الغضب هي حماية جسمنا وحماية توقعاتنا من اي مهدد، فهو
وسيلة دفاعية طبيعية لابد منه للإستمرار في الحياة، ويوقظ الدوافع اللازمة
لذلك. تتناسب شدة ومدة هذا الإنفعال مع شدة مشاعر الخوف و الإحباط والحزن
والقلق التي يسببها التهديد، وتأسيساعلى ذلك ينبغي معرفة طبيعة وقوة
إنفعالات الخوف والإحباط والقلق التي تكونت بفعل التهديد، لنتوقع شدة
الغضب ومدته. فإنفعال الغضب يحذرنا بوجود الخطر، وبناء على كيفية تفسير
الدماغ لإشارات التحذير يقرر الدماغ رد الفعل المناسب اما بالإقدام الذي
يترجم نفسه بنوع من السلوك الذي يستهدف الغاء التهديد اوتعويقه وقد يصاحبه
العنف والقوه، اويكتفي بالسلوك اللفظي ، او بالإحجام والتراجع الذي يعبر عن
نفسه بكبت الغضب وتصريفه في مكان وزمان اخر، اوكبته و عدم افساح المجال
لتصريفه وما يترتب على ذلك من اثار بدنية ونفسية نتحدث عنها لاحقا.
مكونات
الغضب
للغضب ثلاثة مكونات :
المكون الأول، هو الحالة الشعورية
الناتجة عن إثارة الشخص وشعوره بالإحباط والقلق والخوف من الموقف والشخص
المسبب للإثارة.
المكون الثاني، هو التعبير عن الإنفعال، فقد يعبر
الشخص عن انفعاله بالصياح، اوقد يستخدم الكلام اللاذع، أو يبكي، اويلجأ لحل
المشكلة بهدوء وعن طريق الحوار، أو يلجأ الى استخدام القوة والعنف والحاق
الأذى بالمسبب للإنفعال، او الحاق الأذى بممتلكاته او ممتلكات غيره، وهناك
من يدير ظهره ويكبت انفعاله في داخله.
المكون الثالث ، هو مدى معرفتنا
وخبرتنا عن الغضب، وكيف نقيّم الموقف المسبب للغضب، وما هي النتائج
المتوقعة من الموقف المهدد ورد الفعل نحوه، هل السلوك المنفعل يحل الأزمة
ام يضيف ازمة جديدة.
انوع الغضب
يميز علماء النفس ثلاثة انواع
من الغضب:
النوع الأول، هو ما يسمى بالغضب السريع المفاجئ نتيجة اثارة
مفاجئة، يوجه الغضب نحو المسبب تحت تأثير دافعية حماية الذات، ويزول مباشرة
وبسرعة مع زوال السبب، اي يتهيج الشخص ويصد مباشرة . ان هذا النوع من
الغضب مشترك بين الإنسان والحيوان.
النوع الثاني، هو الغضب الذي يظهر
كرد فعل لسلوك او موقف من الاخرين، يتصوره الشخص على انه موقف او سلوك
متعمد ومؤذي، او ينطوي على معاملة غير عادلة.
النوع الثالث، هو نوع
نزوعي اي بمعنى ان الغضب مرتبط بسمات وخصائص شخصية الإنسان، فهناك من بطبعه
يثور ويتهيج بسرعة، ويكون فظا متجهما حاد المزاج، يفسر سلوك ومواقف
الأخرين بصورة سلبية، او يكون مبالغا ومهولا للامور، ومتهورا لا يمتلك
المقدرة على التقدير السليم لطبيعة المخاطر المترتبة على سلوكه ، او انه
يعاني من قلق وخوف يؤثران على رد فعله الإنفعالي، او قد يكون على العكس
متئنيا يتمالك مشاعره، ينزع للواقعية في تفسير طبيعة التهديد وطبيعة الأذى
الذي يسببه، وتقدير النتائج المتربة على السلوك الموجه نحوه، متسامح يعطي
مساحة واسعة لتفسير سلوك الأخرين ولا يجعل من اي تهديد بسيط امرا كارثيا ،
يستطيع الإستفادة من خبراته السابقة في كيفية التعامل مع المواقف
المتشابهة.
ان هذا الإختلاف في السمات الشخصية هو الذي يفسر لماذا يختلف
شخصان في رد فعلهما نحو نفس التهديد، احدهما هادئ ميال للبحث عن حلول
واقعية يناقش ويحاور ويدافع عن مصالحه دون ان يلحق اذى بنفسه او بالأخرين،
واخر متهور مقدام يستخدم العنف لإنهاء الأزمة.
معالم الغضب
عند
تعرض الشخص لأي مثير للغضب تحصل في داخله جملة تغيرات فسيولوجية ونفسية
تتحول الى سلوك محدد في الدفاع عن نفسه لإبعاد خطر التهديد، تبدأ بإدراك
الخطر وبموجبه ينتج الجسم الطاقة اللازمة لمجابهة التهديد، ومن ثم تظهر
تغيرات خارجية في الجسم مثل تغيرات الوجه وحركات الجسم وبعده يبدأ السلوك
المناسب لدفع الخطر، وهو سلوك غريزي عدواني بطبيعته ما لم يتم التحكم به
بطريقة ما. يعتقد خبراء الغضب ان الشعور بإنفعال الغضب يبدأ في موضع ما بين
الكتفين اسفل الرقبة وتصعد الطاقة الى الأعلى مسببا توهجا وتوردا في الوجه
بفعل تدفق الدم اليه، وتتحرك عضلات الجبين الى الأعلى والى الأسفل، ويتثبت
نظر العين على الهدف اي المسبب للغضب، وتتسع المنخران، وتتوتر الفكان،
ويحرك الغاضب يديه نحو الأعلى، وياخذ وضعا مناسبا للدفاع او الإقدام،
تتماسك العضلات لضمان توفير القوة اللازمة وللإطمئنان الذاتي استعدادا
للفعل المناسب، ومن ثم يندفع بسلوك محدد نحو التهديد.
اما من الناحية
الفسيولوجية، تزداد ضربات القلب لتهيأة الشخص للحركة، ويزداد سريان الدم
الى الذراعين استعدادا لفعل عدواني، ويزداد ضغط الدم، وتزداد درجة حرارة
الجسم تصاحبها زيادة في التعرق، ويزداد التنفس عندما يشتد الغضب ، ويزداد
مستوى الأدرينالين ترافقه نشاطات هورمونية وخاصة الهورمون المسبب للضغط
النفسي استعدادا لرد فعل مباشر لمواجهة الخطر.
تنتقل البيانات الى
الدماغ، تتولى اجزاء وتركيبات متعددة في الدماغ ادراك التهديد عن طريق
تحليل طبيعته وتصور نوع الضرر الذي يحدثه، وبناءً على المعلومات وما يخزنه
الدماغ من معلومات وخبرات سابقة، يقوم الدماغ بإنتاج الطاقة الإنفعالية
اللازمة لدفع الخطر، ان مدى نضج الشخص وما يمتلكه من خبرات يؤثر تأثيرا
حاسما على كيفية تفسير درجة الخطورة ومن ثم على كيفية اظهار الغضب وتصريف
الطاقة الزائدة التي انتجها الدماغ وتحقيق التوازن في الجسم.
اما على
مستوى السلوك، فيرتبك الغاضب، ويتهيج، ويثور، ويرفض القواعد والاصول
الإجتماعية، ينتقد الموقف او الشخص المسبب للتهديد، يستخدم الفاظا نابية،
وقد يحطم اشياء او يرميها، وقد يستخدم العنف والقوة لإيقاف خطر التهديد
،وقد يتراجع مظهرا امتعاضا وتذمرا خفيا او علنيا مدمدما مع نفسه.
طرائق
التعبير عن الغضب
يلجأ الناس الى طريقتين في التعبير عن انفعال الغضب
وهما ، الإفصاح عن الغضب واظهاره، او كبته . يترتب على كل منهما تبعات ذات
اهمية كبيرة لصحة الشخص البدنية والنفسية فضلا عن تبعات اجتماعية.
1-
اظهار الغضب
ان الإفصاح واظهار الغضب هو إسلوب طبيعي وضروري لتصريف
الطاقة الزائدة التي كونها الجسم للدفاع عن الذات . وان السلوك العدواني
غير المتحكم فيه هو الطريقة الغريزية الطبيعية لإظهار الغضب، الذي يدفع
الشخص للمقاتلة والإقدام دفاعا عن النفس عندما يتعرض لخطر ما، وعلى الرغم
من اهمية هذا النوع من السلوك لديمومة حياتنا ووجودنا إلا انه لا يمكن ان
يتصرف الشخص بطريقة عدوانية دائما بسبب وجود قوانين وقواعد اجتماعية تقيد
سلوكه ويمنعه من ان يؤذي نفسه او يؤذي الأخرين ويعرض التعايش الإنساني الى
خطر جسيم، ومن هنا تظهر اهمية الإفصاح عن الغضب بطريقة يتحكم بها الشخص
دون ان يترتب عليه اذى لنفسه وللأخرين، بطريقة بناءة يضمن سلامته البدنية
والنفسية ويضمن له مخرجا في كيفة التعامل مع الموقف المثير للغضب.
ان
اظهار الغضب بسلوك حازم غير عدواني وغير عنيف هو افضل طريقة للتعبير عن
مشاعر الغضب، ويرجع الجسم الى توازنه الطبيعي ولا يسبب اية تبعات مضرة
للصحة البدنية والنفسية. ان ادارة الغضب بهذه الطريقة البناءة تستوجب ان
يتعلم الشخص كيف يوضح لنفسه طبيعة رغباته وحاجاته، وان يفهم طبيعة وحدود
توقعاته وكيف يمكن تحقيقها من دون ان يلحق اذى بالأخرين.
2- كبت الغضب
عندما
يكبت الشخص غضبه يمسك الطاقة التي تولدت اثناء الإنفعال داخل جسمه، ولا
يفسح المجال للجسم بالتخلص منها مما يؤدي الى اعراض تدميرية مؤذية بدنيا
ونفسيا، ان الإنفعال الذي لم يجد طريقه الى خارج الجسم سوف يتم خزنه
ويتراكم مما يبقي الجسم في حالة تيقظ فسيولوجي يؤدي الى مشكلات صحية مثل
ضغط الدم وامراض القلب والجلطة الدماغية، وينمي الشعور بالعجز والحزن
والإحباط مسببا الكآبة .
الغضب المكبوت قد يؤدي الى سلوك عدواني سلبي
ومرضي، مثلا الإنتقام والثأر باسلوب غير مباشر، ونمو مشاعر الكراهية نحو
الأخرين، فضلا عن ذلك يطور الشخص انواعا من السلوكيات السلبية مثل،
الإمتعاض والإستياء المدفون، وتصريف الغضب في اماكن ومواقف اخرى اومع
اشخاص اخرين، كأن ينفجر غضبا مع اسرته او اصدقائه الذين لاعلاقة لهم
بالموقف الأصلي الذي اثار الغضب، ويلجأ الى التذمر خفية دون ان يلاحظه
الأخرون ، ويستبعد تلاقي العين بالعين، ويكثر الغيبة والنميمة، وينهمك في
اقوال الأخرين ونشر الإشاعات، ولا يتورع عن السرقة والتأمر.
ينبغي ان
يتعرف الشخص على طبيعة غضبه، وان يراجع معتقداته التي تمنعه عن اظهار غضبه
وان يبحث عن قنوات مناسبة للتعبير الصريح عن انفعالاته. ومن المفيد لتخفيف
اثار الكبت التدميرية ان يحرف الشخص اتجاه الغضب المكبوت وذلك بالتوقف عن
التفكير في الموضوع المسبب للغضب، وتركيز التفكيرفي شيئ اخر ذي جدوى او في
نشاط بناء لكي يتخلص من شحنات الطاقة الزائدة.
كيف تتحكم بغضبك
لقد
تعلمنا جميعا ان الغضب امر سيئ ، وعلينا ان لا نغضب كي يقبلنا الأخرون.في
حين ان المشكلة لا تكمن في شعور الغضب نفسه كي نستبعده، بل في كيفية
التعبير عنه. فمعظم الناس لم يطوروا استراتيجيات ادارة الغضب بطريقة صحية
بدنيا ونفسيا واجتماعيا، ولا يمتلكون معلومات كافية عنها، لذا يحاول كل
واحد منا ان يجد لنفسه سبيلا في كيفية فهم واحساس الغضب والتعبير عنه، فقد
يلجأ الى التعبير الطبيعي المقترن بالعنف والفظاظة غالبا، او قد يلجأ الى
ان يكبت غضبه، وهكذا اما ان يصبح الشخص وحشا متهورا لايعرف غير القوة
والفظاظة والعنف في تحقيق رغباته، او ان يصبح محبطا ذليلا كئيبا يعاني من
شتئ انواع الأمراض البدنية والنفسية.
ليس الغضب سيئا بطبيعته فهو شعور
طبيعي مثل المشاعر الاخرى، و ان التحكم به هو امر يمكن تعلمه، وهو ضروري
للصحة البدنية والنفسية. ولأهمية معرفة استراتيجيات التحكم بالغضب، ندون في
ادناه بعض الأساليب والطرائق المجربة في كيفية ادارته، والتحكم بهذا
الإنفعال الذي لاينفك عن مصحبتنا :
- لاتكبت غضبك ابدا، بل افصح عنه
واظهره بطريقة بناءة، وتعلم استراتيجيات اظهار الغضب . ان كبت الغضب هو
امر سيئ، يسبب لك امراضا بدنية مثل امراض القلب وضغط الدم والجلطة الدماغية
والضغط النفسي والكآبة والقلق بأنواعه، وما يترتب على هذه الأمراض من
تهديد خطير على حياتك، وان كنت لا تستطيع التخلي عن كبت غضبك حاول ان تعمل
على تحريف اتجاهه نحو عمل او امر تنهمك به مثل، القيام ببعض الأعمال
المنزلية، او انجاز مهمة، او التامل في موضوع مفيد، او اي نشاط يمتص طاقة
الغضب منك .
- خذ شهيقا عميقا جدا عندما تغضب وامسكه لعدة ثواني ثم
اطلقه، كرر العملية عدة مرات . والعبرة في التنفس، هي انك عندما تغضب يزداد
مستوى الأدرينالين في جسمك وتزداد ضربات قلبك ويرتفع ضغط دمك ، وعندما
تتنفس عميقا ترجع ضربات القلب الى حالتها الطبيعية وينخفض ضغط الدم ويرسل
الجسم اشارات الى الدماغ عن عدم الحاجة الى الأدرينالين المسبب للأعراض
المذكورة، ويعطيك التنفس الراحة ويشعرك بالقوة والأمان.
- ابتعد عن
الموقف او الشخص الذي يغضبك لتعطي فرصة لنفسك للسيطرة على توترك، عند
ابتعادك خذ نفسا عميقا، واغسل وجهك بالماء ان كان ممكنا، وحرك جسمك، ارجع
الى الموقف او الشخص ثانية لتتعامل مع الموضوع الذي اغضبك بعد ان تخلصت من
توترك وغضبك.
- حاول ان تقيّم بواقعية هل ان الموقف والفعل الموجه ضدك
حقيقي، او مؤثر، وما هو نوع ومقدار الضرر الذي يلحقه بك، و ما هو رد الفعل
الغاضب المناسب لدفع الأذى عن نفسك، واي نوع من التبعات تترتب على رد فعلك،
حاول ان لاتبالغ في تقدير قوة الموقف والفعل ولا تبالغ في تقدير قوة رد
فعلك.
- عندما تشعر بالغضب قم ببعض الأنشطة التي يسمح بها الموقف الذي
انت فيه مثل، المشي والركض وركوب الدراجة والسباحة ، والرسم، أو افرك يديك
ووجهك واضرب بيدك ضربات خفيفة على جسمك، اواقرأ اي شيئ في متناول يدك، او
نظم اوراقك، او احسب الى عشرة، او ردد بعض العبارات التي تهدأ توترك، او قم
باية انشطة اخرى تتلائم والموقف الذي انت فيه. اعلم ان قيامك باي تشاط
حركي يساعد على تصريف طاقة الغضب ويساعد على اعادة التوازن الداخلي لجسمك.
-
قم ببعض تمارين الإسترخاء بصورة دائمية ليس فقط اثناء الغضب وقد لا يسمح
لك الموقف الغاضب القيام بتلك التمارين اوبعضها ولكنك ان كنت مواظبا عليها
ستجعلك اكثر قدرة على التحكم بغضبك بصور صحية، واعلم ان تمارين التنفس
مفيدة للغاية، حاول ان تدرب نفسك على التامل في مسائل ايجابية مثل التأمل
في الطبيعة والكون والخلق وامور الدين والحياة وغيرها ، وتدرب على تمارين
النظر، وان الإستحمام مفيد للإسترخاء ، ، وهناك تمارين اخرى مصصمة لغرض
الإسترخاء مثل يوغا وتايجي .
- ان كنت دائم الغضب سريع الإثارة ،
تكلم عن غضبك مع من تثق به او مع متخصص نفسي، اشرح له كيف تشعر عندما تغضب،
وماذا تعمل , واعلم ان الكلام عن الغضب هو علاج نفسي يساعدك على فهم نفسك
بصورة افضل وتتأمل مشاعرك وتقيّم سلوكك وانفعالتك، فضلا انه قناة للتنفيس
ما في داخلك وتصريف طاقة الغضب .
- إنتبه للمواقف والامور والأشياء
التي تثير غضبك بصورة متكررة، حاول ان تهيأ نفسك في كيفية التعامل مع
الموقف قبل حدوثه، اما بابعاد الموقف المثير للغضب، او تهيأة الوسائل التي
تساعد على التعامل معه بأقل مايمكن من اثارة الغضب .
- حاول ان لا ترمي
سبب غضبك على الأخرين، واعلم انك لا تستطيع ان تلغي مسببات الغضب في بيئتك ،
بل الصحيح هو ان تتحكم وتدير غضبك بطريقة غير مضرة لك وللأخرين، ان الغضب
شعور فيك وان لم تتحكم به بطريقة سليمة ستكون اثاره تدميرية عليك لا على
غيرك .
- تعلم مهارات حل المشكلات لتتمكن من الإستفادة منها في اوقات
الأزمات المسببة للغضب، حاول ان تحل مشاكلك عن طريق الحوار، واعطي وقتا
مناسبا لحل اية مشكلة ، حاول ان تجزأ المشكلة الى عناصرها ليسهل عليك النظر
في امرها، وطور مهاراتك في مجال التفاعل الإجتماعي لتجعلك اكثر فهما
لتوقعات الأخرين ولتساعدك في حل الإشكالات الناجمة عن اختلاف توقعاتك عن
توقعاتهم.
- لاتهمل حسم الأمر المسبب للغضب، لأن تركه سيؤدي الى اطالة
مدة غضبك والى تعرضك لمشكلات نفسية وبدنية مضرة، فضلا عن تكرار الغضب مرة
او مرات اخرى، لذا تابع الأمر بهدوء واستخدم الحوار والنقاش الهادئ دون ان
تلحق ضررا بك اوبالأخرين.
[/b][/b]
والأحاسيس، فهو يتأثر بما يجري حوله، ويتفاعل بما يشاهد ويسمع من الآخرين،
فيضحك ويبكي، ويفرح ويحزن، ويرضى ويغضب، إلى آخر تلك الانفعالات النفسية.
ومن الأمور التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاسترسال فيها:
الغضب، فقد يخرج الإنسان بسببه عن طوره ، وربما جرَّه إلى أمور لا تحمد
عقباها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه
وسلم: أوصني ، فقال له عليه الصلاة والسلام مراراً: "لا تغضب" رواه
البخاري.
ولم يكتف صلى الله عليه وسلم بالنهي عن هذه الآفة ، وبيان آثارها ، بل بيّن
الوسائل والعلاجات التي يستعين بها الإنسان على التخفيف من حدة الغضب ،
وتجنب غوائله ، ومن هذه الوسائل: السكوت والتوقف عن الكلام، فعن ابن عباس
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علِّموا ويسروا ولا
تعسروا، وإذا غضبت فاسكت، وإذا غضبتَ فاسْكُت، وإذا غضبت فاسكت" رواه
الإمام أحمد.
ومن الأدوية الهامة التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم لعلاج الغضب،
والتخفيف من حدته، وجاء الطب الحديث بتصديقها، أن يُغيَّر الإنسانُ الوضعَ
الذي كان عليه حال الغضب، من القيام إلى القعود، أو الاضطجاع، فعن أبي ذر
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا غضب أحدكم وهو
قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلاّ فليضطجع" رواه أبو داود.
فما هي الغدة التي تنفعل عند الغيظ والغضب والخوف ...؟؟؟
الغدة النخامية هي معجزة من معجزات الخالق (سبحانه وتعالى)، وتلك الغدة
التي تزن حوالي نصف جرام (حجم الحمصة الصغيرة) تفرز العديد من هرمونات
رئيسية في الدم تحمل الأوامر المباشرة إلى كل الغدد الهرمونية الموجودة في
الجسم، وبذلك تُجري تبنيها لتلك الغدد الأخرى؛ لتفرز هرموناتها فورًا في
الدم.
والغدة الرئيسية التي تنفعل عند الغيظ والغضب والحقد والخوف هي غدة
الأدرينال (فوق الكلية):
وتفرز العديد من الهرمونات التي تؤثر في عمليات التمثيل في الجسم . ومن ضمن
هذه الهرمونات :
الأدرينالين Adrenaline
والنورادينالين Noraderanaline
فهرمون الأدرينالين يكون إفرازه استجابة لأي نوع من أنواع الانفعال أو
الضغط النفسي، كالخوف أو الغضب، وقد يفرز أيضاً لنقص السكر، وعادة ما
يُفْرَز الهرمونان معاً.
إكتشــــــــــــافه ...
يعود الفضل في إكتشاف الأدرينالين إلى الكيميائي الياباني " Jokichi
Takamine " ..
فلقد تم استخلاص L – adrenaline من لب الكظر " adrenal meddula " من خلال
مجموعتين مستقلة وهما " Takamine وَ Aldrich and von Furth "في عامي 1900 و
1901 م . وكان أول هرمون يتم استخلاصه بشكل متبلور .. وتم تعيين وتحديد
التركيب الكيميائي له من خلال Jowett ومن ثم قام العالم Stolz بتحديد الشكل
والتركيب الكيميائي له في عام 1904 م .
و لقد وظفّ الكيميائي " تاكامين " رفيقه الياباني " Keizo Uenaka " معه في
المعمل و الذي يعتبر بحق هو أول من استخلص الأدرينالين ..
ففي احدى الليالي كان " Keizo Uenaka " بمفرده في المعمل ، و اكتشف "
Uenaka " الشكل البلوري للأدرينالين ..
وسبب أن " تاكامين " يعود له الفضل في هذا الإكتشاف ذلك لأنه في الخامس من
نوفمبر عام 1900 م عمل على براءة اختراع باسم " Gandular Extractive
Product " .. وبعدها بعدة شهور قدم تاكامين الوثيقة الأولى إلى الجمعية
الطبية في نيوريورك ووثيقة أخرى إلى الجمعية الكيميائية الصناعية في عام
1901م ...
وفي هذه الأوراق كتب تاكامين عن إكتشافاته العلمية التي كان يعمل عليها في
المعمل ..
ونتيجة لذلك أصبح لـ " تاكمين " الأحقية في استخدام الأدرينالين كماركة
تجارية ..
ويُعرف أيضاً بــ :-
Epinephrin , Vasotonim , Epitrate , Exadrin , Glucosan , Glycirenan ,
Hemisine , Hypernephrin , Biorenine , Bosmin , Brevirenin , Bronkaid
mist .
الصيغة الكيميائية : C9H13NO3
الوزن الجزيئي : 21،183 جم / مول
درجة الإنصهار : 211-215 س .
الذائبية في الماء : 0،01 جم / 100 مل عند 18 س .
حرارة التكوين : - 17،439 كيلوجول / مول .
الإستقطاب الجزيئي : 18،676 .
المظهر : أبيض ، على هيئة بودرة بيضاء و يتحول بالتدريج إلى اللون البني
عندما يتعرض إلى الضوء أو الهواء .
الفاعلية : حساس جداً جداً للضوء والهواء ..
أنواع الروابط الموجودة في المركب : روابط تساهمية .
التركيب بالوزن :
كربون = 59 % .
هيدروجين = 15،7 %
النيتروجين = 65،7 %
الأكسجين = 20، 26 %
وينتمي هرمون الأدرينالين إلى عائلة الكاتيكول أمين " catecholamine " ..
غدة الأدرينال :-
غدة الأدرينال (فوق الكلية)، يبلغ طولها بوصتان، وعرضها بوصة، ووزنها أوقية
تقريبًا، وتتكون من قسمين:
القشرة واللب (مثل قشرة البندق ولُبها)، وكل قسم يفرز الهرمونات الخاصة به،
وتفرز القشرة العديد من الهرمونات التي تؤثر في عمليات التمثيل في الجسم.
كذلك يفرز لب الأدرينال هرمونين: الأدرينالين Adrenalin والنورادينالين
Noraderanalin.
وإفراز هذا الهرمون يؤثر على ضربات القلب، فتضطرب، وتتسارع، وتتقلص معه
عضلة القلب، ويزداد استهلاكها للأوكسجين، والغضب والانفعال يؤدي إلى رفع
مستوى هذين الهرمونين في الدم، وبالتالي زيادة ضربات القلب، وقد يؤدي إلى
ارتفاع ضغط الدم.
ولذلك ينصح الأطباء مرضاهم المصابين بارتفاع ضغط الدم أو ضيق الشرايين، أن
يتجنبوا الانفعالات والغضب، وأن يبتعدوا عن مسبباته ، وكذلك مرضى السكر،
لأن الأدرينالين يزيد من سكر الدم.
تصنيــع الأدرينـــــالين :
يتم اصطناع الأدرينالين في الخلايا أليفة الكروم في لب الكظر ، والتي سميت
هكذا لأنها تحوي الحبيبات التي بتعرضها لثنائي كرومات البوتاسيوم ـ تنشر
اللون البني المحمر ، وتوجد تجمعات أيضاً لهذه الخلايا أيضاً في القلب ،
الكبد والكلية ..
فيتم تتصنيعه في عدة خطوات وهي :-
يتكوّن في البداية 3,4-dihydroxy-chloroacetophenone من خلال تفاعل
pyrochatechol مع chloro- acetylchloride في وجود phosphorchloridoxide .
ومن ثم يتحول إلى أدرينالون adrenalone بواسطة الميثيل أمين methylamine
ويُختزل إلى الأدرينالين adrenaline .
التصنيع الحيوي للأدرينالين :
ويتم ذلك في عدة خطوات و يدخل في تصنيعه خمس إنزيمات وهي :-
1- phynylalanine-hydroxylase.
2-Tyrosine-hydroxylase.
3- Aromatic amino-acid decarboxylase.
4- dopamine-hydroxylase.
5- phenylethanolamine-N-methyl-transferase.
التمثيل والأيض :-
يعتبر الأدرينالين هرمون وكذلك يعتبر أيضاً ناقل عصبي .. وكأي مادة تقوم
بنقل النبضات في أوقات قصيرة جداً ، لابد أن يكون هناك من ينشطها أو يبطل
مفعولها بسرعة وبفعالية ..
والإنزيمات المسؤولة عن التحلل السريع والفعال للأدرينالين هي :-
Catecholamine-O-methyltransferase (COMT)
Monoaminoxidase (MAO)
الأدرينالين كهرمون :-
للأدرينالين تأثير معاكس للإنسولين .. ويُطلق عندما ينخفض مستوى السكر في
الدم ... وذلك بسبب ارتباطه بالمستقبلات الفعل الادرينالي " adrenergic
receptors " فينبّه إنزيم
" adenylatcyclase cascade ( cAMP cascade ) " . وتؤثر هذه السلسلة النشطة
في تحريك ونقل الجلايكوجين والأنسجة الدهنية ..وبشكل عام تزيد من عملية
الأيض ...و الارتفاع الناتج في سكر الدم يمكنه من اختمار الجلوكوز في
العضلات ... والأدرينالين يقوي هذه التأثيرات ، وذلك لأنه يزيد من إفراز
الجلوكاجون " هرمون له نفس تأثير الأدرينالين " ويقلل من اطلاق الإنسولين
...
الأدرينالين كناقل عصبي
يعمل الأدرينالين كناقل عصبي ويؤثر في الجهاز العصبي السمبثاوي " القلب ،
الرئتين ، الأوعية الدموية ، المثانة " . وهذا الناقل العصبي يُطلق استجابة
إلى أي ضغوط وترتبط بمجموعة خاصة من البروتينات تُسمى مستقبلات الفعل
الأدرينالي " adrenergic receptors " ..
ويوجد نوعان من هذه المستقبلات وتأثيرها هو : زيادة في قوة نبضات القلب ،
اتساع الشعب الهوائية والحدقة ، قابض للأوعية ، يقلل من زمن تجلط الدم ...
الاستخدامات الطبية للأدرينالين :-
من فوائد الأدرينالين هو مساعدتنا في مواجهة المواقف الصعبة و الخطرة والتي
تتطلب منا ردة فعل سريعة .. مثل الهروب من حيوان مفترس ...
وكذلك يستخدم الأدرينالين في الطب مثل :
المساعدة في الجراحة وذلك للتحكم في النزف ، منبّه للقلب ، مضاد للتشنج في
المصابين بالربو ، وفي طب التوليد ، ويستخدم في المساعدة اغماءات مرض نقس
السكر في الدم ، وكترياق في تفاعلات الحساسية ، وبعض الحمى " مثل حمى الكلا
"
ماذا يحدث للأدرينالين إذا تعرض الإنسان للإنفعالات والضغوط الشديدة :-
إن الانفعالات الشديدة والضغوط التي يتعرض لها الإنسان كالخوف والغضب يحرض
الغدة النخامية على إفراز هرمونها المحرض لإفراز كل من الأدرينالين والنور
أدرينالين من قبل الغدة الكظرية، الذي يؤدي إفرازه في الدم إلى تغيرات
فسيولوجية وكيميائية حيوية مذهلة، إنه يهيئ الجسم لقوى شيطانية رهيبة؛ وذلك
استجابة لإشارة التهديد الصادرة من الغضب والغيظ والحقد، وتقوم أيضا غدة
"الأدرينال" بإفراز هرمونات القشرة مثل هرمون "الكورتيزون"؛ لإعداد الجسم
بيولوجيا للدفاع عن الإرهاق النفسي بأشكاله المختلفة.كما تقوم الأعصاب
الودية على إفراز النور أدرينالين.
إن ارتفاع هرمون النور أدرينالين في الدم يؤدي إلى تسارع دقات القلب، وهذا
ما يشعر به الإنسان حين الانفعال، والذي يجهد القلب وينذر باختلاطات سيئة.
فهو يعمل على رفع الضغط الدموي بتقبيضه للشرايين والأوردة الصغيرة، كما أن
الارتفاع المفاجئ للضغط قد يسبب لصاحبه نزفاً دماغياً صاعقاً يؤدي إلى
إصابة الغضبان بالفالج، وقد يصاب بالجلطة القلبية أو الموت المفاجئ، وقد
يؤثر على أوعية العين الدموية فيسبب له العمى المفاجئ. وكلنا يسمع بتلك
الحوادث المؤلمة التي تنتج عن لحظات غضب.
هذا وإن ارتفاع النور أدرينالين في الدم يحرر الجليكوجين من مخازنه في
الكبد ويطلق سكر العنب مما يرفع السكر الدموي، إذ من المعلوم أن معظم حوادث
الداء السكري تبدأ بعد انفعال شديد لحزن أو غضب.
أما ارتفاع الأدرينالين فيزيد من عمليات الإستقلاب الأساسي ويعمل على صرف
كثير من الطاقة المدخرة مما يؤدي إلى شعور المنفعل أو الغَضِبْ بارتفاع
حرارته وسخونة جلده . كما ترتفع شحوم الدم مما يؤهب لحدوث التصلب الشرياني
ومن ثم إلى حدوث الجلطة القلبية أو الدماغية، كما يؤدي زيادة هذا الهرمون
إلى تثبيط حركة الأمعاء ومن ثم إلى حدوث الإمساك الشديد. وهذا هو سبب إصابة
ذوي المزاج العصبي بالإمساك المزمن.
ويزداد أثناء ثورات الغضب إفراز الكورتيزول من قشر الكظر مما يؤدي إلى
زيادة الدهون في الدم على حساب البروتين، ويحل الكورتيزول النسيج اللمفاوي
مؤدياً إلى نقص المناعة وإمكانية حدوث التهابات جرثومية متعددة، وهذا ما
يعلل ظهور التهاب اللوزات الحاد عقب الانفعال الشديد، كما يزيد الكورتيزول
من حموضة المعدة وكمية الببسين فيها مما يهيء للإصابة بقرحة المعدة أو حدوث
هجمة حادة عند المصابين بها بعد حدوث غضب عارم.
وقد أثبتت البحوث الطبية الحديثة وجود علاقة وثيقة بين الانفعالات النفسية
ومنها الغضب وبين الإصابة بالسرطان. وتمكن العلم أن يبين مدى خطورة
الإصابات السرطانية على إنسان القرن العشرين، قرن القلق النفسي، وأكدت
الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من انفعالات نفسية مريرة بصورة مستمرة
يموتون بالسرطان باحتمال نسبي أكبر. فالانفعالات النفسية تولد اضطراباً
هرمونياً خطيراً في الغدد الصماء يؤدي إلى تأرجح في التوازن الهرموني بصورة
دائمة، هذا التأرجح يساعد على ظهور البؤرة السرطانية في أحد أجهزة البدن.
ويرى بعضهم أن التأثيرات التي تحصل في البدن نتيجة الغضب الشديد والذي يسبب
فيضاً هرمونياً تؤدي إلى ما يشبه التماس الكهربائي داخل المنزل بسبب
اضطراب الدارة الكهربائية، وما ينتج عن ذلك من تعطل في كافة أجزاء الدارة
الكهربائية.
كيف يكون تأثير الغضب على الصائم ....؟؟؟
إذا اعترى الصائم غضب وانفعال وتوتُّر ازداد إفراز الأدرينالين في دمه
زيادة كبيرة، وقد يصل إلى 20 أو 30 ضعفًا من معدله العادي أثناء الغضب
الشديد أو العراك، فإن حدث هذا في أول الصوم أثناء فترة الهضم والامتصاص
اضطرب هضم الغذاء وامتصاصه زيادة على الاضطراب العام في جميع أجهزة الجسم؛
ذلك لأن الأدرينالين يعمل على ارتخاء العضلات الملساء في الجهاز الهضمي،
ويقلل من تقلص المرارة، ويعمل على تضييق الأوعية الدموية الطرفية، وتوسيع
الأوعية التاجية، كما يرفع الضغط الدموي الشرياني، ويزيد كمية الدم الواردة
إلى القلب وعدد دقاته.
وإن حدث الغضب والشجار في منتصف النهار أو آخره أثناء فترة ما بعد الامتصاص
تحلل ما تبقَّى من مخزون الجليكوين في الكبد، وتحلل بروتين الجسم إلى
أحماض أمينية، وتأكسد المزيد من الأحماض الدهنية، كل ذلك يرفع مستوى
الجلوكوز في الدم، فيحترق ليمد الجسم بالطاقة اللازمة في الشجار والعراك،
وبهذا تستهلك الطاقة بغير ترشيد، كما أن بعض الجلوكوز قد يفقد من البول إن
زاد عن المعدل الطبيعي، وبالتالي يفقد الجسم كمية من الطاقة الحيوية الهامة
في غير فائدة تعود عليه، ويضطر إلى استهلاك الطاقة من الأحماض الدهنية
التي يؤكسد المزيد منها، وقد تؤدي إلى تولد الأجسام الكيتونية الضارة في
الدم.
كما أن الازدياد الشديد للأدرينالين في الدم يعمل على خروج كميات كبيرة من
الماء من الجسم، بواسطة الإدرار البولي (Diuresis) كما يرتفع معدل
الاستقلال الأساسي (Bassal ****blic) عند الغضب والتوتر؛ نتيجة لارتفاع
الأدرينالين والشد العضلي.
وارتفاع الأدرينالين قد يؤدي لنوبات قلبية، أو موت الفجاءة عند بعض الأشخاص
المهيئين لذلك، نتيجة لارتفاع ضغط الدم، وارتفاع حاجة عضلة القلب
للأكسجين، من جراء ازدياد سرعته، وقد يتسبب الغضب أيضًا في النوبات
الدماغية لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين.
كما أن ارتفاع الأدرينالين نتيجة للضغط النفسي في حالات الغضب والتوتر يزيد
في تكون الكوليسترول من الدهني البروتيني منخفض الكثافة، والذي قد يزداد
أثناء الصيام، وثبتت علاقته بمرض تصلب الشرايين.
لهذا ، ولغيره مما عُرف، ومما لم يُعرَف بعد وصى النبي -صلى الله عليه
وسلم- الصائم بالسكينة، وعدم الصخب، والانفعال، أو الدخول في عراك مع
الآخرين.
وحينما يتعرض الإنسان إلى تلك الانفعالات السابق ذكرها لفترات مستمرة تزيد
إفرازات تلك الهرمونات التي تؤدي إلى تغيير مدمر لكيميائية الجسم: هدم في
أنسجة الجسم، إفراز الجلوكوز في البول.. وعلى المدى الطويل قد يحدث مرض
"السكر"، ويسير الجسم بخطى وئيدة إلى زيادة نسبة "الكولسترول" في الدم؛ وهو
ما قد يؤدي إلى حدوث الذبحة الصدرية، وتصلب الشرايين، وأمراض أخرى مدمرة
لكيان الإنسان، هذا بجانب الأمراض النفسية العضوية.
وحصيلة كظم الغيظ والعفو عن الناس والخلاص من الحقد هو الطريق للخلاص من
قوى التدمير النفسي والعضوي، وهو الطريق المضيء نحو الاستقرار الوجداني
والأمن النفسي والسعادة الروحية.
وحينما أمرنا الحق (سبحانه وتعالى) بالصوم بمعناه الحقيقي، إنما أراد
بمشيئته تعالى أن يُسبغ علينا السعادة الروحية، والاسترخاء العقلي، والأمن
النفسي، والإصلاح لمادية الجسم؛ حيث تنبعث السكينة في قلوب المؤمنين،
ليزدادوا إيمانًا على إيمانهم.
وقد ثبت علمياً - كما جاء في كتاب هاريسون الطبي - أن كمية هرمون النور
أدرينالين في الدم تزداد بنسبة ضعفين إلى ثلاثة أضعاف عند الوقوف وقفة
هادئة لمدة خمس دقائق ، وأما الأدرينالين فإنه يرتفع ارتفاعاً بسيطاً
بالوقوف ، وأما الضغوط النفسية والانفعالات فهي التي تسبب زيادة مستوى
الأدرينالين في الدم بكميات كبيرة ، فإذا كان الوقوف وقفة هادئة ولمدة خمس
دقائق ، يضاعف كمية النور أدرينالين ، وإذا كان الغضب والانفعال يزيد مستوى
الأدرينالين في الدم بكميات كبيرة ، فكيف إذا اجتمع الاثنان معاً الغضب
والوقوف، ولذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الغضبان إن كان قائماً أن
يجلس، فإن لم يذهب عنه فيلضطجع .
فكان هذا السبق العلمي منه صلى الله عليه وسلم من أوجه الإعجاز التي لم
تظهر إلا في هذا العصر، وإلا فما الذي أدراه صلى الله عليه وسلم بأن هذه
الهرمونات تزداد بالوقوف، وتنخفض بالجلوس والاستلقاء، حتى يصف لنا هذا
العلاج النبوي؟.
قال تعالى: " والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون
" الشورى الآية 42.
وقال تعالى: " الذين ينفقون في السرّاء والضرّاء والكاظمين الغيظ والعافين
عن الناس والله يحب المحسنين " آل عمران
وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتمان الغضب فقد روى أبو هريرة
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس الشديد بالصرعة إنما
الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " رواه البخاري ومسلم.
ولا شك أن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم قد عرف بنور الوحي خطورة هذه
الانفعالات النفسية على مستقبل المجتمع الإنساني قبل أن يكتشف الطب آثارها،
ودعا أتباعه بحكمة إلى ضبط انفعالاتهم –قدر المستطاع– [لا تغضب] محاولاً
أن يأخذ بأيديهم إلى جادة الصواب –رحمة بهم– وحفاظاً على صحة أبدانهم من
المرض والتلف، لكنه –عليه الصلاة والسلام– كان يعلم في نفس الوقت طبيعة
النفس البشرية، ويعلم أن الإنسان لحظة غضبه قد لا يقوى على كتم غضبه، خاصة
إن كان يغضب لله أو لعرضه أو ماله، فإذا به يصف العلاج قبل أن يستفحل
الغضب، وقبل أن يقدم الغاضب على فعل لا تحمد عقباه .
=-=-=-=-=-=
[b][b]
ما هو الغضب
الغضب هو انفعال مثل الخوف والحزن والفرح والقلق ، وشعور
فطري طبيعي في الإنسان، وليس بطبيعته انفعالا سلبيا او ايجابيا، جيدا او
سيئا، بل ان طريقة التعاطي معه هي التي تحدد معالمه. والغضب انفعال مركب من
المشاعر والأفكار والسلوك لا ينشأ لوحده، وهو انفعال ثانوي تسبقه في
الظهور انفعالات مثل الخوف والحزن والإحباط ، ان اثارة هذه الإنفعالات هي
التي توقظ وتكوّن وتظهر الغضب وتتحكم بشدته ومدة ظهوره.
الغضب مثل
الإنفعالات الاخرى، هو طاقة ينتجها الجسم لابد من تصريفها كي يتوازن الجسم
ويرجع الى حالته الطبيعية، فمن هذا المنظور يجب تصريف الطاقة الزائدة
المتكونة وإلا ستؤدي الى اختلال بدني وعقلي.
ينشأ الغضب كرد فعل لتهديد
بدني اوتهديد يعيق تحقيق رغبات وتوقعات الشخص في امور الحياة جميعها، فهو
انفعال لايمكن تلافيه ولا ينبغي ابعاده. ان الفكرة السائدة ان الغضب هو رد
فعل غير ناضج وغير حضاري في مواجهة الإحباط والتهديد والعنف والفقدان هو
غير صحيح، وبل هو معطل لإدراك طبيعة الغضب واسلوب تصريفه بطريقة مناسبة
بناءة.
ان وظيفة الغضب هي حماية جسمنا وحماية توقعاتنا من اي مهدد، فهو
وسيلة دفاعية طبيعية لابد منه للإستمرار في الحياة، ويوقظ الدوافع اللازمة
لذلك. تتناسب شدة ومدة هذا الإنفعال مع شدة مشاعر الخوف و الإحباط والحزن
والقلق التي يسببها التهديد، وتأسيساعلى ذلك ينبغي معرفة طبيعة وقوة
إنفعالات الخوف والإحباط والقلق التي تكونت بفعل التهديد، لنتوقع شدة
الغضب ومدته. فإنفعال الغضب يحذرنا بوجود الخطر، وبناء على كيفية تفسير
الدماغ لإشارات التحذير يقرر الدماغ رد الفعل المناسب اما بالإقدام الذي
يترجم نفسه بنوع من السلوك الذي يستهدف الغاء التهديد اوتعويقه وقد يصاحبه
العنف والقوه، اويكتفي بالسلوك اللفظي ، او بالإحجام والتراجع الذي يعبر عن
نفسه بكبت الغضب وتصريفه في مكان وزمان اخر، اوكبته و عدم افساح المجال
لتصريفه وما يترتب على ذلك من اثار بدنية ونفسية نتحدث عنها لاحقا.
مكونات
الغضب
للغضب ثلاثة مكونات :
المكون الأول، هو الحالة الشعورية
الناتجة عن إثارة الشخص وشعوره بالإحباط والقلق والخوف من الموقف والشخص
المسبب للإثارة.
المكون الثاني، هو التعبير عن الإنفعال، فقد يعبر
الشخص عن انفعاله بالصياح، اوقد يستخدم الكلام اللاذع، أو يبكي، اويلجأ لحل
المشكلة بهدوء وعن طريق الحوار، أو يلجأ الى استخدام القوة والعنف والحاق
الأذى بالمسبب للإنفعال، او الحاق الأذى بممتلكاته او ممتلكات غيره، وهناك
من يدير ظهره ويكبت انفعاله في داخله.
المكون الثالث ، هو مدى معرفتنا
وخبرتنا عن الغضب، وكيف نقيّم الموقف المسبب للغضب، وما هي النتائج
المتوقعة من الموقف المهدد ورد الفعل نحوه، هل السلوك المنفعل يحل الأزمة
ام يضيف ازمة جديدة.
انوع الغضب
يميز علماء النفس ثلاثة انواع
من الغضب:
النوع الأول، هو ما يسمى بالغضب السريع المفاجئ نتيجة اثارة
مفاجئة، يوجه الغضب نحو المسبب تحت تأثير دافعية حماية الذات، ويزول مباشرة
وبسرعة مع زوال السبب، اي يتهيج الشخص ويصد مباشرة . ان هذا النوع من
الغضب مشترك بين الإنسان والحيوان.
النوع الثاني، هو الغضب الذي يظهر
كرد فعل لسلوك او موقف من الاخرين، يتصوره الشخص على انه موقف او سلوك
متعمد ومؤذي، او ينطوي على معاملة غير عادلة.
النوع الثالث، هو نوع
نزوعي اي بمعنى ان الغضب مرتبط بسمات وخصائص شخصية الإنسان، فهناك من بطبعه
يثور ويتهيج بسرعة، ويكون فظا متجهما حاد المزاج، يفسر سلوك ومواقف
الأخرين بصورة سلبية، او يكون مبالغا ومهولا للامور، ومتهورا لا يمتلك
المقدرة على التقدير السليم لطبيعة المخاطر المترتبة على سلوكه ، او انه
يعاني من قلق وخوف يؤثران على رد فعله الإنفعالي، او قد يكون على العكس
متئنيا يتمالك مشاعره، ينزع للواقعية في تفسير طبيعة التهديد وطبيعة الأذى
الذي يسببه، وتقدير النتائج المتربة على السلوك الموجه نحوه، متسامح يعطي
مساحة واسعة لتفسير سلوك الأخرين ولا يجعل من اي تهديد بسيط امرا كارثيا ،
يستطيع الإستفادة من خبراته السابقة في كيفية التعامل مع المواقف
المتشابهة.
ان هذا الإختلاف في السمات الشخصية هو الذي يفسر لماذا يختلف
شخصان في رد فعلهما نحو نفس التهديد، احدهما هادئ ميال للبحث عن حلول
واقعية يناقش ويحاور ويدافع عن مصالحه دون ان يلحق اذى بنفسه او بالأخرين،
واخر متهور مقدام يستخدم العنف لإنهاء الأزمة.
معالم الغضب
عند
تعرض الشخص لأي مثير للغضب تحصل في داخله جملة تغيرات فسيولوجية ونفسية
تتحول الى سلوك محدد في الدفاع عن نفسه لإبعاد خطر التهديد، تبدأ بإدراك
الخطر وبموجبه ينتج الجسم الطاقة اللازمة لمجابهة التهديد، ومن ثم تظهر
تغيرات خارجية في الجسم مثل تغيرات الوجه وحركات الجسم وبعده يبدأ السلوك
المناسب لدفع الخطر، وهو سلوك غريزي عدواني بطبيعته ما لم يتم التحكم به
بطريقة ما. يعتقد خبراء الغضب ان الشعور بإنفعال الغضب يبدأ في موضع ما بين
الكتفين اسفل الرقبة وتصعد الطاقة الى الأعلى مسببا توهجا وتوردا في الوجه
بفعل تدفق الدم اليه، وتتحرك عضلات الجبين الى الأعلى والى الأسفل، ويتثبت
نظر العين على الهدف اي المسبب للغضب، وتتسع المنخران، وتتوتر الفكان،
ويحرك الغاضب يديه نحو الأعلى، وياخذ وضعا مناسبا للدفاع او الإقدام،
تتماسك العضلات لضمان توفير القوة اللازمة وللإطمئنان الذاتي استعدادا
للفعل المناسب، ومن ثم يندفع بسلوك محدد نحو التهديد.
اما من الناحية
الفسيولوجية، تزداد ضربات القلب لتهيأة الشخص للحركة، ويزداد سريان الدم
الى الذراعين استعدادا لفعل عدواني، ويزداد ضغط الدم، وتزداد درجة حرارة
الجسم تصاحبها زيادة في التعرق، ويزداد التنفس عندما يشتد الغضب ، ويزداد
مستوى الأدرينالين ترافقه نشاطات هورمونية وخاصة الهورمون المسبب للضغط
النفسي استعدادا لرد فعل مباشر لمواجهة الخطر.
تنتقل البيانات الى
الدماغ، تتولى اجزاء وتركيبات متعددة في الدماغ ادراك التهديد عن طريق
تحليل طبيعته وتصور نوع الضرر الذي يحدثه، وبناءً على المعلومات وما يخزنه
الدماغ من معلومات وخبرات سابقة، يقوم الدماغ بإنتاج الطاقة الإنفعالية
اللازمة لدفع الخطر، ان مدى نضج الشخص وما يمتلكه من خبرات يؤثر تأثيرا
حاسما على كيفية تفسير درجة الخطورة ومن ثم على كيفية اظهار الغضب وتصريف
الطاقة الزائدة التي انتجها الدماغ وتحقيق التوازن في الجسم.
اما على
مستوى السلوك، فيرتبك الغاضب، ويتهيج، ويثور، ويرفض القواعد والاصول
الإجتماعية، ينتقد الموقف او الشخص المسبب للتهديد، يستخدم الفاظا نابية،
وقد يحطم اشياء او يرميها، وقد يستخدم العنف والقوة لإيقاف خطر التهديد
،وقد يتراجع مظهرا امتعاضا وتذمرا خفيا او علنيا مدمدما مع نفسه.
طرائق
التعبير عن الغضب
يلجأ الناس الى طريقتين في التعبير عن انفعال الغضب
وهما ، الإفصاح عن الغضب واظهاره، او كبته . يترتب على كل منهما تبعات ذات
اهمية كبيرة لصحة الشخص البدنية والنفسية فضلا عن تبعات اجتماعية.
1-
اظهار الغضب
ان الإفصاح واظهار الغضب هو إسلوب طبيعي وضروري لتصريف
الطاقة الزائدة التي كونها الجسم للدفاع عن الذات . وان السلوك العدواني
غير المتحكم فيه هو الطريقة الغريزية الطبيعية لإظهار الغضب، الذي يدفع
الشخص للمقاتلة والإقدام دفاعا عن النفس عندما يتعرض لخطر ما، وعلى الرغم
من اهمية هذا النوع من السلوك لديمومة حياتنا ووجودنا إلا انه لا يمكن ان
يتصرف الشخص بطريقة عدوانية دائما بسبب وجود قوانين وقواعد اجتماعية تقيد
سلوكه ويمنعه من ان يؤذي نفسه او يؤذي الأخرين ويعرض التعايش الإنساني الى
خطر جسيم، ومن هنا تظهر اهمية الإفصاح عن الغضب بطريقة يتحكم بها الشخص
دون ان يترتب عليه اذى لنفسه وللأخرين، بطريقة بناءة يضمن سلامته البدنية
والنفسية ويضمن له مخرجا في كيفة التعامل مع الموقف المثير للغضب.
ان
اظهار الغضب بسلوك حازم غير عدواني وغير عنيف هو افضل طريقة للتعبير عن
مشاعر الغضب، ويرجع الجسم الى توازنه الطبيعي ولا يسبب اية تبعات مضرة
للصحة البدنية والنفسية. ان ادارة الغضب بهذه الطريقة البناءة تستوجب ان
يتعلم الشخص كيف يوضح لنفسه طبيعة رغباته وحاجاته، وان يفهم طبيعة وحدود
توقعاته وكيف يمكن تحقيقها من دون ان يلحق اذى بالأخرين.
2- كبت الغضب
عندما
يكبت الشخص غضبه يمسك الطاقة التي تولدت اثناء الإنفعال داخل جسمه، ولا
يفسح المجال للجسم بالتخلص منها مما يؤدي الى اعراض تدميرية مؤذية بدنيا
ونفسيا، ان الإنفعال الذي لم يجد طريقه الى خارج الجسم سوف يتم خزنه
ويتراكم مما يبقي الجسم في حالة تيقظ فسيولوجي يؤدي الى مشكلات صحية مثل
ضغط الدم وامراض القلب والجلطة الدماغية، وينمي الشعور بالعجز والحزن
والإحباط مسببا الكآبة .
الغضب المكبوت قد يؤدي الى سلوك عدواني سلبي
ومرضي، مثلا الإنتقام والثأر باسلوب غير مباشر، ونمو مشاعر الكراهية نحو
الأخرين، فضلا عن ذلك يطور الشخص انواعا من السلوكيات السلبية مثل،
الإمتعاض والإستياء المدفون، وتصريف الغضب في اماكن ومواقف اخرى اومع
اشخاص اخرين، كأن ينفجر غضبا مع اسرته او اصدقائه الذين لاعلاقة لهم
بالموقف الأصلي الذي اثار الغضب، ويلجأ الى التذمر خفية دون ان يلاحظه
الأخرون ، ويستبعد تلاقي العين بالعين، ويكثر الغيبة والنميمة، وينهمك في
اقوال الأخرين ونشر الإشاعات، ولا يتورع عن السرقة والتأمر.
ينبغي ان
يتعرف الشخص على طبيعة غضبه، وان يراجع معتقداته التي تمنعه عن اظهار غضبه
وان يبحث عن قنوات مناسبة للتعبير الصريح عن انفعالاته. ومن المفيد لتخفيف
اثار الكبت التدميرية ان يحرف الشخص اتجاه الغضب المكبوت وذلك بالتوقف عن
التفكير في الموضوع المسبب للغضب، وتركيز التفكيرفي شيئ اخر ذي جدوى او في
نشاط بناء لكي يتخلص من شحنات الطاقة الزائدة.
كيف تتحكم بغضبك
لقد
تعلمنا جميعا ان الغضب امر سيئ ، وعلينا ان لا نغضب كي يقبلنا الأخرون.في
حين ان المشكلة لا تكمن في شعور الغضب نفسه كي نستبعده، بل في كيفية
التعبير عنه. فمعظم الناس لم يطوروا استراتيجيات ادارة الغضب بطريقة صحية
بدنيا ونفسيا واجتماعيا، ولا يمتلكون معلومات كافية عنها، لذا يحاول كل
واحد منا ان يجد لنفسه سبيلا في كيفية فهم واحساس الغضب والتعبير عنه، فقد
يلجأ الى التعبير الطبيعي المقترن بالعنف والفظاظة غالبا، او قد يلجأ الى
ان يكبت غضبه، وهكذا اما ان يصبح الشخص وحشا متهورا لايعرف غير القوة
والفظاظة والعنف في تحقيق رغباته، او ان يصبح محبطا ذليلا كئيبا يعاني من
شتئ انواع الأمراض البدنية والنفسية.
ليس الغضب سيئا بطبيعته فهو شعور
طبيعي مثل المشاعر الاخرى، و ان التحكم به هو امر يمكن تعلمه، وهو ضروري
للصحة البدنية والنفسية. ولأهمية معرفة استراتيجيات التحكم بالغضب، ندون في
ادناه بعض الأساليب والطرائق المجربة في كيفية ادارته، والتحكم بهذا
الإنفعال الذي لاينفك عن مصحبتنا :
- لاتكبت غضبك ابدا، بل افصح عنه
واظهره بطريقة بناءة، وتعلم استراتيجيات اظهار الغضب . ان كبت الغضب هو
امر سيئ، يسبب لك امراضا بدنية مثل امراض القلب وضغط الدم والجلطة الدماغية
والضغط النفسي والكآبة والقلق بأنواعه، وما يترتب على هذه الأمراض من
تهديد خطير على حياتك، وان كنت لا تستطيع التخلي عن كبت غضبك حاول ان تعمل
على تحريف اتجاهه نحو عمل او امر تنهمك به مثل، القيام ببعض الأعمال
المنزلية، او انجاز مهمة، او التامل في موضوع مفيد، او اي نشاط يمتص طاقة
الغضب منك .
- خذ شهيقا عميقا جدا عندما تغضب وامسكه لعدة ثواني ثم
اطلقه، كرر العملية عدة مرات . والعبرة في التنفس، هي انك عندما تغضب يزداد
مستوى الأدرينالين في جسمك وتزداد ضربات قلبك ويرتفع ضغط دمك ، وعندما
تتنفس عميقا ترجع ضربات القلب الى حالتها الطبيعية وينخفض ضغط الدم ويرسل
الجسم اشارات الى الدماغ عن عدم الحاجة الى الأدرينالين المسبب للأعراض
المذكورة، ويعطيك التنفس الراحة ويشعرك بالقوة والأمان.
- ابتعد عن
الموقف او الشخص الذي يغضبك لتعطي فرصة لنفسك للسيطرة على توترك، عند
ابتعادك خذ نفسا عميقا، واغسل وجهك بالماء ان كان ممكنا، وحرك جسمك، ارجع
الى الموقف او الشخص ثانية لتتعامل مع الموضوع الذي اغضبك بعد ان تخلصت من
توترك وغضبك.
- حاول ان تقيّم بواقعية هل ان الموقف والفعل الموجه ضدك
حقيقي، او مؤثر، وما هو نوع ومقدار الضرر الذي يلحقه بك، و ما هو رد الفعل
الغاضب المناسب لدفع الأذى عن نفسك، واي نوع من التبعات تترتب على رد فعلك،
حاول ان لاتبالغ في تقدير قوة الموقف والفعل ولا تبالغ في تقدير قوة رد
فعلك.
- عندما تشعر بالغضب قم ببعض الأنشطة التي يسمح بها الموقف الذي
انت فيه مثل، المشي والركض وركوب الدراجة والسباحة ، والرسم، أو افرك يديك
ووجهك واضرب بيدك ضربات خفيفة على جسمك، اواقرأ اي شيئ في متناول يدك، او
نظم اوراقك، او احسب الى عشرة، او ردد بعض العبارات التي تهدأ توترك، او قم
باية انشطة اخرى تتلائم والموقف الذي انت فيه. اعلم ان قيامك باي تشاط
حركي يساعد على تصريف طاقة الغضب ويساعد على اعادة التوازن الداخلي لجسمك.
-
قم ببعض تمارين الإسترخاء بصورة دائمية ليس فقط اثناء الغضب وقد لا يسمح
لك الموقف الغاضب القيام بتلك التمارين اوبعضها ولكنك ان كنت مواظبا عليها
ستجعلك اكثر قدرة على التحكم بغضبك بصور صحية، واعلم ان تمارين التنفس
مفيدة للغاية، حاول ان تدرب نفسك على التامل في مسائل ايجابية مثل التأمل
في الطبيعة والكون والخلق وامور الدين والحياة وغيرها ، وتدرب على تمارين
النظر، وان الإستحمام مفيد للإسترخاء ، ، وهناك تمارين اخرى مصصمة لغرض
الإسترخاء مثل يوغا وتايجي .
- ان كنت دائم الغضب سريع الإثارة ،
تكلم عن غضبك مع من تثق به او مع متخصص نفسي، اشرح له كيف تشعر عندما تغضب،
وماذا تعمل , واعلم ان الكلام عن الغضب هو علاج نفسي يساعدك على فهم نفسك
بصورة افضل وتتأمل مشاعرك وتقيّم سلوكك وانفعالتك، فضلا انه قناة للتنفيس
ما في داخلك وتصريف طاقة الغضب .
- إنتبه للمواقف والامور والأشياء
التي تثير غضبك بصورة متكررة، حاول ان تهيأ نفسك في كيفية التعامل مع
الموقف قبل حدوثه، اما بابعاد الموقف المثير للغضب، او تهيأة الوسائل التي
تساعد على التعامل معه بأقل مايمكن من اثارة الغضب .
- حاول ان لا ترمي
سبب غضبك على الأخرين، واعلم انك لا تستطيع ان تلغي مسببات الغضب في بيئتك ،
بل الصحيح هو ان تتحكم وتدير غضبك بطريقة غير مضرة لك وللأخرين، ان الغضب
شعور فيك وان لم تتحكم به بطريقة سليمة ستكون اثاره تدميرية عليك لا على
غيرك .
- تعلم مهارات حل المشكلات لتتمكن من الإستفادة منها في اوقات
الأزمات المسببة للغضب، حاول ان تحل مشاكلك عن طريق الحوار، واعطي وقتا
مناسبا لحل اية مشكلة ، حاول ان تجزأ المشكلة الى عناصرها ليسهل عليك النظر
في امرها، وطور مهاراتك في مجال التفاعل الإجتماعي لتجعلك اكثر فهما
لتوقعات الأخرين ولتساعدك في حل الإشكالات الناجمة عن اختلاف توقعاتك عن
توقعاتهم.
- لاتهمل حسم الأمر المسبب للغضب، لأن تركه سيؤدي الى اطالة
مدة غضبك والى تعرضك لمشكلات نفسية وبدنية مضرة، فضلا عن تكرار الغضب مرة
او مرات اخرى، لذا تابع الأمر بهدوء واستخدم الحوار والنقاش الهادئ دون ان
تلحق ضررا بك اوبالأخرين.
[/b][/b]