اهزم خوفك

ما الذي يخيفك فيجعلك تضطرب، أو تنزعج، أو تغير خططك الحياتية، أو تمتنع عن عمل إيجابي أو ترتكب عملاً سلبياً؟!
لقد صار خوفك ملازماً لك، وأنت في طريقك لكثير من الأمراض النفسية والعضوية، تسرع دقات قلبك، يرتفع الضغط
الدموي، يزيد منسوب السكر، يقل الأكسجين.. إلخ.
هذا فضلاً عن الاضطراب الظاهر على حركاتك وكلماتك وانفعالاتك، وانطوائك، وحذرك الزائد من أن تخطئ، بل وكوابيس
النوم والقلق الذي تشعر به في فترة الليل.
كل هذا من ذلك الخوف الذي تركته يتملكك، فيسيطر على حياتك، ويلفك بحباله، فيقيدك ويعيق طبيعتك.
تعال معي إذن نفكر معاً حول إجابة لسؤال: مم تخاف؟!
☆☆☆
من أي شيء يحيط بك تخاف؟!هل تخاف من قطع الرزق؟
لا يصح لك أن تفعل، فأنت موقن تماماً أن الرزق بيد ربك الرزاق الكريم، وأن رزقك آتيك على أي حال، وأنك مستوفيه
لا محالة؛ (يرزق من يشاء بغير حساب), فقط عليك الأخذ بأسبابه من السعي والجد والإيجابية والعمل بقدر استطاعتك،
وأما الكفاية والكفالة فمن الله سبحانه، فلا صاحب عمل يملك رزقك، ولا مدير لك هو من يدبر لك، بل هو الله سبحانه
(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ {6}) (هود).
☆☆☆
مم تخاف إذن؟! هل تخاف من الموت أو المرض؟!
كيف وأنت تعلم يقيناً أن الآجال بيد الله سبحانه، وأنه "لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في
الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه في غير طاعة الله فما عند الله لا يؤخذ إلا بطاعته" (أخرجه الطبراني
وصححه الألباني في صحيح الجامع)
☆☆☆
قال الإمام المناوي في شرح الحديث: إن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها الذي كتبه لها الملك وهي في بطن أمها
فلا وجه للوله والتعب والحرص والنصب إلا عن شك في الوعد، وتستوعب رزقها كذلك فإنه سبحانه وتعالى قسم
الرزق وقدره لكل أحد بحسب إرادته لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص بحسب علمه القديم الأزلي، ولهذا سئل
حكيم عن الرزق، فقال: إن قسم فلا تعجل، وإن لم يقسم فلا تتعب "فاتقوا الله" أي ثقوا بضمانه، لكنه أمرنا تعبداً
بطلبه من حله فلهذا قال: وأجملوا في الطلب؛ بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة بغير كد ولا حرص ولا تهافت
على الحرام، والشبهات "ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق"؛ أي حصوله "أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى
لا ينال ما عنده" من الرزق وغيره "إلا بطاعته".
☆☆☆
وانظر إلى إبراهيم عليه السلام وهو يفوض أمره لله سبحانه كما في كتاب الله: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ {78} وَالَّذِي
هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ {79} وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ {80} وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ {81} وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي
خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ {82}) (الشعراء), فكيف تخاف من مرض إذن وهو سبحانه الشافي، لا شفاء إلا شفاؤه؟ فليس
طريق الهروب من المرض هو الخوف، بل أن تدعو ربك أن يجنبك المرض ويرزقك العافية، وإن أصابك مكروه أن
تتعلق به سبحانه وتوكل عليه وتأخذ بأسباب العلاج، ففي الحديث: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء"
(أخرجه البخاري ومسلم).
☆☆☆
مم تخاف إذن؟ هل تخاف من مخلوق؟
كيف وأنت تعلم أن الخلق جميعاً نواصيهم بيد الله سبحانه، فلئن اتقيت الله سبحانه حفظك من شر كل مخلوق، وفي
الحديث: "احفظ الله يحفظك"(أخرجه أحمد والترمذي)، وفي الحديث كذلك: "لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يقول
بحق إذا رآه أو علمه فإنه لا يباعد من رزق أو يقرب من أجل" (أخرجه أحمد).
☆☆☆
هل تخاف من مصائب الحياة؟!
كيف وأنت تعلم أن كل شيء بقدر؟! وأنه سبحانه هو القائل: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {51}) (التوبة)، وأن المؤمن أمره كله له خير كما في الحديث؛ "إن أصابته سراء شكر فكان
خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" (أخرجه مسلم).
☆☆☆

إذن فإن مخاوفك كلها لا أصل لها، فتعال إذن نعالجها في خطوات واضحة حازمة:
❤༄༄❤
 اهزم خوفك N94d0RBعليك أن ترسخ في قلبك عظمة الله سبحانه، وقدرته، وقيوميته على خلقه، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله.


 اهزم خوفك N94d0RBوأن تكثر ذكره سبحانه فيكون معك على كل حال، قائماً وقاعداً، فتسأله حسن العاقبة في الأمور كلها، وتسأله العافية في الدنيا والآخرة.

 اهزم خوفك N94d0RBوأن تدعوه وتلح في دعائه أن يعيذك من الخوف إلا منه.. فاللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ومن التوكل إلا عليك.

 اهزم خوفك N94d0RBوأن تجعل استخارته سبحانه في الأمور كلها هي قائدك في عملك ورزقك وسعيك كله، فما ندم من استخار.

 اهزم خوفك N94d0RBوأن تجعل من مشورة أهل العلم والفضل الراسخين الناصحين من حولك أساساً لمشورتك في خطواتك، فاستشارتهم خير وبصيرة.

 اهزم خوفك N94d0RBوأن تكون إيجابياً فعالاً، مبادراً، فتكون يدك مفتوحة في العطاء، وطموحك بعيد في الخير والفضل.

 اهزم خوفك N94d0RBوأن تجعل الصبر صديقك، والحلم والأناة والهدوء صفتك.

 اهزم خوفك N94d0RBوأن تحذر إضرار نفسك أو غيرك، أو الإعانة على ذلك، ولو بكلمة، بل تعاهد نفسك دوماً أن تكون من المحسنين
الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون.


 اهزم خوفك N94d0RBوأن تواجه مشكلاتك بنفسك، متوكلاً على ربك، ولا تهرب منها، فإن خير طريقة لإنهاء المشكلة مواجهتها
وأسوأ طريقة الهروب منها.


 اهزم خوفك N94d0RBوأن تجعل الحكمة والحزم جناحين لك في قراراتك وخطواتك، فالحكيم هو الفقيه الذي يفكر ويتدبر ويتفهم ويختبر
ويستبصر موضع الخطى قبل القرار، والحازم من لا يتردد بعد القرار.

 اهزم خوفك N94d0RB اهزم خوفك N94d0RB اهزم خوفك N94d0RB اهزم خوفك N94d0RB اهزم خوفك N94d0RB
منقول